الوحدة الثانية
الفصل الأول
مبحث القيم وفلسفة الجمال
مبحث القيم هو أحد مباحث الفلسفة ويتناول بالبحث قيمة الحق وقيمة الخير وقيمة الجمال .
قيمة الحق : يدرسها علم المنطق وتدور حول معرفة القواعد التي تميز التفكير السليم
قيمة الخير : يدرسها علم الأخلاق وتدور حول كيف نميز بين الفضيلة والرذيلة في سلوكنا
قيمة الجمال : يدرسها علم الجمال وتدور حول معرفة ما هو جميل وما هو غير جميل .
إن هذه المباحث وعلومها كلها تختص ( بأحكام القيمة ) .
أحكام القيمة :-
1- أحكام القيمة لا تصف الواقع الخارجي كما هو عليه وإنما هي تصف شعورنا وحكمنا على هذا الواقع .
2- أحكام القيمة من الصعب التأكد من ( صوابها أو خطأها ) كالحكم بخيرية فعل أو جمال لوحة أو موسيقى [ علل ] وذلك لأن أحكام القيمة ترجع إلى الذوق الشخصي الخاص كما أنها تختلف باختلاف الزمان والمكان.
3- وقد تختلف أحكام القيمة بين أفراد المجتمع الواحد بحسب ثقافتهم وأذواقهم ولذلك توصف القيمة بأنها ليست ما هو كائن ولكنها ما يجب أن يكون .
الخلاصة - أن كل من القيم الأخلاقية والقيم الجمالية تتأثر بالمستوى العلمي للشخص والبيئة التي يعيش فيها كما تتأثر بالحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية للجماعة .
فلسفة الجمال
تدور فلسفة الجمال حول القيم الجمالية والتي تهتم بمعرفة ما هو جميل وما هو غير جميل سواء في الطبيعة أو في الأعمال الإبداعية الفنية الأخرى التي تقوم على الألوان ( كفن الرسم ) أو الأشكال ( كفن النحت ) أو الأصوات ( كفن الموسيقى ) ... الخ .
وعلم الجمال لا يدرس الإحساس بالجمال فحسب ولكن أيضا بالتذوق الفني والإبداع ونقد الأعمال الفنية والوصول إلي المبادئ التي تفسره ... الخ
المذاهب الفلسفية في الجمال
أفلاطون
1- تدور فلسفة الجمال عند أفلاطون حول نظريته عن ( عالم المثل ) وعالم المثل هو الذي يوجد به ( مثال واحد ) لكل شيء موجود في ( العالم المادي المحسوس ) وهو عالمنا هذا .
2- ويرى أفلاطون أن النفس كانت موجودة في عالم المثل قبل أن تهبط إلى العالم المادي المحسوس وعندما ترى نفس الأشياء في العالم المحسوس فإنها تتذكر مُثلها في عالم المثل
3- ويرى أفلاطون أن ( عالم المثل ) هو مصدر الهام الشعراء والفنانين وهم يحققون الإبداع في الفنون المختلفة .
أرسطو
1- يعرف أرسطو الفن بأنه محاكاة جميلة للواقع والحياة الإنسانية وليست محاكاة ( للجمال المثالي ) كما قال أفلاطون والجمال عند أرسطو هو جمال التعبير وغايته هي ( بعث المتعة في التذوق ) وليست ( معرفة العالم المثالي ) .
2- يعتبر أرسطو مؤسس النقد الأدبي بما كتبه في كتابه ( فن الشعر ) .
3- يقسم أرسطو الفنون إلى نوعين : فنون المحاكاة والفنون الصناعية
فنون المحاكاة : هي التي تهدف إلى إبداع الأعمال الفنية الجميلة مثل التماثيل...الخ
الفنون الصناعية : تهدف إلى إنتاج المنتجات النافعة والمفيدة مثل الثلاجات ...الخ
فن المأسـاة: هو الفن الذي يجمع بين الموسيقى والشعر والرقص وهو يعتبر عملاً له وحدة عضوية تتمثل في ( البداية والوسط والنهاية والحجم المحدد ) كما أن المأساة تتكون عند أرسطو من ستة عناصر هي : التمهيد ، والعقدة ، والشخصية ، والفكرة ، واللغة ، والمنظر وأهمها جميعاً العقدة أو الحبكة .
مذاهب الجمال والفن في العصر الحديث
كانط :الجمال هو ما يرضى الذوق البشرى كله بشكل عام وليس ما يرضى ذوق فرد واحد .
الجمال وعلاقته بالخير عند كانط : يرى كانط أن الجمال هو رمز للخير والدليل علي ذلك أن المتعة التي نستمدها من الجمال ليست المتعة الحسية والدليل علي ذلك أننا نطلق علي الجمال صور أخلاقية كأن نصف الأشجار أنها سامية أو الحقول بأنها ضاحكة أو الألوان بأنها نقية .
هيجل : يؤكد الصلة الوثيقة بين سمات الفن وخصائص الحضارة الإنسانية التي نشأ في ظلها الفن والحضارة : يرى هيجل أن لكل حضارة من الحضارات الإنسانية الكبيرة فنونها الخاصة بها والنمط الذي يعبر عن فكرها ودينها وقد أوضح ذلك على النحو الآتي :
الحضارة الشرقية القديمة : ظهرت في مصر وبابل والهند وكان يسود النمط الرمزي ومن أمثلته المعابد الضخمة والمسلات .
الحضارة اليونانية الرومانية : كان يسود فنونها النمط الكلاسيكي للجمال وقد تمثل في روائع النحت التي ظهرت في الحضارة الكلاسيكية .
الحضارة الأوربية الحديثة : كان يسودها النمط الرومانسي القادر على التعبير عن الحياة الروحية والمشاعر السامية عن طريق فنون التصوير والموسيقى والشعر .
هبيولت تين : الفن نتاج للقوي الاجتماعية فيرى أن أي عمل فني أو أدبي يتأثر بثلاثة عوامل هي : ( الجنس ، والبيئة ، والعصر الذي ينتمي إليه الفنان أو الأديب )
1- ويتضح أثر الجنس البشرى في الفرق بين الفن الأوروبي والآسيوي والإفريقي .. الخ .
2- ويتضح أثر البيئة الجغرافية في الفن في فن البيئة الصحراوية والزراعية والساحلية ..
3- كما يتأثر الفن بالزمان أو العصر الذي يوجد فيه الفنان .
مذهب الجمال في الفكر المعاصر
تولستوي : يرى أن الفن ينبغي أن يوجه لخدمة المجتمع لا أن يكون فن للفن فالفن يجب أن يكون للمجتمع ولا يستقل عن مجال الدين والأخلاق فالفن الأصيل يرفع المجتمع والعكس
يرى تولستوي أن الفن توصيل للانفعالات فهو إذن نوع من اللغة بين بنى البشر وهو يساعد على تواصل الأجيال واتصال الحضارات وربط الماضي بالحاضر والمستقبل .
النقد الفني :
1- يرى تولستوي أن مهمة الفن هي نشر القيم الإنسانية والارتقاء بالحياة الاجتماعية .
2- إن مقياس أصالة وجودة العمل الفني هي انتشاره وقبوله عند أكبر عدد من الناس .
3- إن الفن الأصيل لا يحتاج إلى تربية عقلية خاصة ويمكن أن يفهمه الفنان البسيط وقد لا يفهمه المثقف نقد رأى تولستوي : أنه ليس صحيحاً أن مقياس قيمة العمل الفني هو عدد الناس الذين يتأثرون به فالأغاني الهابطة قد تكون أكثر انتشارا ومع ذلك لا تكون لها قيمة فنية .
برجسون : يرى أن الفن حدس والحدس هو قدرة إدراكية يدرك بها الفنان العمل الفني ويبدعه
فالحدس هو الملكة التي بها ندرك امتزاج الأصوات داخل النغم الموسيقى أو ندرك تفاعل الألوان داخل اللوحة .وخص برجسون الإنسان ( بملكة الحدس ) التي تساعده على الإبداع الفني والأدبي .
فلسفة الجمال في فكرنا العربي المعاصر
عباس محمود العقاد : ربط بين الجمال والحرية وإن ممارسة الفنون هي ممارسه لحرية اختيار الإنسان عندما يفاضل بين شيئين جميلين دون أن تكون وراء ذلك منفعة .
والحرية التي يقصدها العقاد لا تعنى التخلص من القيود لأن القيود والقوانين هي أساس اختيار الحرية وأن الملمس الجميل هو الملمس الناعم والصوت الجميل هو الصوت الحر السالك بلا قيود . يري العقاد أن الفنون الجميلة هي التي تشبع فينا حاسة الحرية
والفكر الحر هو الذي لا تقيده الجهالة أو الخرافات فالجمال هو الحرية .
أولاً : مفهوم الخبرة الجمالية
تأخذ الخبرة الجمالية شكلاً من ثلاثة :
1- في صورة تذوق واستمتاع بالفنون كما يحدث عندما نستمع إلى قطعة موسيقية .
2- في صورة إبداع للعمل الفني نفسه كتأليف قصة أو رسم لوحة أو تأليف قطعة .. الخ .
3- في صورة حكم على العمل الفني بأنه جميل أو غير جميل وهذا هو النقد الفني .
والخبرة الجمالية تتطلب قدرات فطرية يصقلها التعليم والتدريب وخبرات الإنسان .
المستويات المختلفة للخبرة الجمالية
أولاً: الإحساس بالجمال
يعتبر الإحساس بالجمال أول وأبسط صور الخبرة ويعتبر تذوق الفنون الجميلة من أهم عوامل التسامي بالشعور الإنساني وإزالة التوتر المترتب على تحمل أعباء الحياة .
ثانياً : الإبداع الفني
لقد مارس الإنسان الإبداع الفني منذ العصر الحجري القديم وسجل إبداعه على جدران الكهوف بما رسمه من لوحات للطبيعة وللحيوانات .
الفيلســـوف طريقك للإبداع
ثالثاً : خبرة النقد الفني
[ المذهبان الرئيسيان في النقد الفني ]
هل الفن للفن أم الفن للحياة ؟؟!
نظرية الفن للفن :
إن الفن يجب أن يكون من أجل الفن نفسه ولا يهتم إلا بالأثر النفسي الجميل الذي يحدثه العمل الفني عند جمهور المتذوقين فالفن يجب أن يستقل عن أهداف السياسة أو أهداف الأخلاق في الوعظ والإرشاد .
نظرية الفن للحياة :
إن الفن يجب أن يكون من أجل الحياة وأن يقوم بدوره في توجيه الرأي العام والتأثير في المجتمع فالشعر يهدى إلى الصواب ويرشد إلى الخير .
ثانياً : الشكل والمضمون وخبرة النقد الحديث :
إن الحكم علي الأعمال الفنية لا يجب أن ينصب على ما تثيره من بهجة أو تحققه من فائدة فالعمل الفني يجب أن تكون له قيمة في حد ذاته بما ينطوي عليه من جمال التكوين وهى الشكل والمضمون .
الشكل : هو التنظيم أو التركيب الذي يكسب العمل الفني وجوده وكيانه وتعبيره
- فالقصيدة : ليست مجرد كلمات مرصوصة وإنما هي وحدة مركبة على نحو معين .
- اللوحة : ليست مجرد مجموعة من الألوان ولكنها وحده تنتظم داخلها الألوان .
المضمون : يتمثل فيما يقدمه لنا العمل الفني من أفكار أو صور خيالية تخاطب إدراك الإنسان فالقصة : مثلاً تحتوى على معنى معين يريد الكاتب توصيله للقارئ ..
النقد في الفكر العربي
يرى الدكتور زكى نجيب محمود أنه لا يمكن فصل الشكل عن المضمون لأن العمل الفني هو عمل قائم بذاته له وحده تمثل تآلف عناصره وهو تعبير عن مضمون يتمثل في المعاني والصور الخيالية التي تظهر في الأعمال الأدبية .